خلال السنوات القليلة الماضية ظهرت أمراض واضطرابات مرضية جديدة على مجتمعنا لم نكن نراها في العيادات، وعندما كنا ندرّس هذه الأمراض والاعتلالات لطلابنا كنا نضرب أمثلة لحالات في الدول الغربية ونستعين بالصور ومقاطع الفيديو التوضيحية، ثم بدأت تظهر تلك الاضطرابات وأذكر أن إحدى الطالبات أعدت بحثها للتخرج قبل خمس عشرة سنة عن أحد تلك الاضطرابات وتفاجأنا بالعدد غير المتوقع من المرضى، واليوم صرنا نرى حالات كثيرة وليست حصراً على الفتيات الصغيرات بل صارت تصيب الشباب والنساء والرجال ولكنه بالطبع أكثر لدى الفتيات ثم النساء لأسباب سأوضحها على هذه الصفحة.
هذه الاعتلالات والاضطرابات تتبع الترف المادي والغذائي وترتبط بالحالة النفسية والاجتماعية للشخص وقد تتحول لأمراض مع تقدم المضاعفات فأرجو مراعاة اختلاف التسمية. تلك الاضطرابات منتشرة في الدول الغنية في المجتمعات الغربية والشرقية التي يتوفر فيها الترف المادي وانتشار المشاكل النفسية والتفكك الأسري والتأثير الإعلامي غير الأخلاقي المفتوح، وانتقالها لمجتمعنا الإسلامي والعربي وبالذات الخليجي هو ناقوس إنذار يجب التنبه له للوقاية منه قبل أن يتحول لمرض يصعب علاجه وذلك في محيط الأسرة أولاً والمدارس والجامعات ثانياً ثم المراكز الطبية ثالثاً .
وسأضع بين يديكم مختصراً للأعراض والمسببات وطرق الوقاية والعلاج بما يمكن الوالدين والمربون من اكتشاف تلك الحالات وتوجيهها الوجهة الصحيحة، أما المختصون فيحتاجون تعزيز خبراتهم للتعامل معها من خلال البرامج التدريبية المتخصصة، وأنبه إلى أن وجود بعض الأعراض لديك أو لدى شخص في عائلتك لا يعني بالضرورة أنه مصاب بأحد تلك الاضطرابات حيث أن بعض الأعراض شائعة كثيراً ولا علاقة لها بالاضطراب، والطريقة السليمة لتشخيصها يكون من قبل أطباء الأسرة والمجتمع والأطباء النفسيين واستشاريي التغذية العلاجية.
ومسؤولية كبرى تقع على عاتق الجهات البحثية في الجامعات والجهات الصحية لدراسة انتشار تلك الأمراض في مجتمعنا حيث لا يتوفر دراسات كافية ومعمقة عن نسب انتشار تلك الاضطرابات وأسبابها على الرغم من سهولة إجراء تلك الدراسات المسحية. ومن خلال جريدة ننقل رسالة للمسؤولين في الجهات الصحية والبحثية بضرورة العناية بهذا الموضوع ودراسته دراسة أولية لتشخيص الوضع مادام في بدايته ليمكن بناء برامج وقاية وعلاج لتلك الاضطرابات.