وصفات غذائية مجربة، وفوائد تكتشف لأول مرة في كثير من الأغذية، هذا هو شعار رسائل الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي، وأصبحت ظاهرة يلاحظها الجميع، هناك كثير من الخصائص التي يتميز بها الإعلام الجديد ولكن ما يهمنا هو ميزتين هما: السرعة على حساب الدقة، وأن يتحدث غير المتخصصين في غير تخصصاتهم، فنجد أن المهندس أصبح طبياً، وأن العاطل عن العمل يتحدث عن فن الإدارة، وهذا نلاحظه فيما يتعلق بالغذاء والنصائح الغذائية والوصفات السحرية والمجربة، حتى تحس أنك لست بحاجة لطبيب ولا لمستشفى.
إن دوري كإعلامي أكاديمي ليس الحديث عن الأغذية وفوائدها فهو ليس تخصصي، ولكن سنتحدث عن كيف تقوم بالتأكد من المعلومات التي تصلك، صحتها ودقتها ومصدرها، وهو الذي ستجده في غاية الصعوبة، ولكننا سنخوض هذه التجربة معاً ونتبادل القليل من المعلومات التي قد تهمك، فهل تعرف أن الرسالة التي ترسلها بالواتس آب تعود إليك خلال 48 ساعة من شخص آخر، بمعنى أن الرسائل تتخذ شكلاً دائرياً في محيط الشخص، ونحن نتحدث عن الشخص العادي وليس من طبقة المشاهير والذين يتابعهم الآلاف، وهل تعرف أن الرسالة التي ترسلها لشخصين فخلال أسبوعين ستصل لمليوني شخص، هل أدركت مدى خطورة أي معلومة تقوم بتصميمها وبثها على شبكات التواصل.
في موضوع رسائل التغذية، حين سألت الأطباء والمختصين في موضوع الغذاء عن بعض الرسائل التي تتحدث عن أغذية نباتية طبيعية كالقرفة والكمون وحب الرمان إلخ.. من الرسائل التي حتماً مرت بكم، كانت الإجابة أن المواد الغذائية النباتية مفيدة بلا شك، ولكن هل ستكون مفيدة للجميع بمعنى مريض السكري لا تناسبه بعض الأغذية ذات السكريات العالية كالتمر مثلاً، بينما بالنسبة للأصحاء فإن التحذير الأكبر يكون ليس من الأغذية بل من الوصفات الغذائية، التي تتضمن مقادير متنوعة من عدة أغذية وخلطات معينة، فهل هذه التركيبة صحية فعلاً وهل تخضع لمقاييس الصحة ومواءمة كل الأشخاص، ومحاذير كثيرة، جعلتني أدرك بأن الأمر أكثر تعقيداً من مجرد وصفة وخلط بعض المقادير، ووضع هذا الأمر في رسالة ونشرها للعامة، دونما مراعاة للفوارق الجسدية والعمرية والصحية لمن قد يتلقى هذه الرسالة ويصدقها ويقوم بتجربتها.
نلاحظ أن أغلب هذه الرسائل ليست معنونة بمركز رسمي أو جهة ذات اختصاص، وأن أغلب المتحدثين يروون تجارب شخصية وقد يكونون صادقين فيما نقلوه من تجربة شخصية ولكن هل ما ينجح معك بالضرورة يناسبني وينجح معي، فقد يقتلني.
هل يتطلب الأمر تدخل هيئات مسؤولة وعلى قدر عالٍ من الاختصاص مثل هيئة الغذاء والدواء، أو وزراة الصحة، وهيئات أخرى.. مما لا شك فيه بأن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الوعي والتثقيف الصحي، فكلما قلت رسائل التوعية وتقاعس النشطاء في مجال التثقيف الصحي كلما نشطت مثل هذه الظواهر وكثر المنظرون، ولا يوجد أي تنسيق بين مختلف المؤسسات الصحية والهيئات فيما يتعلق بالرد على مثل هذه الرسائل، أو إصدار رسائل توعوية تعنى بالصحة والتثقيف الصحي.. ورغم وجود أشخاص نشطاء في هذا المجال من المختصين إلا أن الأمر لا يعدو كونه محاولات فردية وجهود ذاتية أو محدودة، إننا بحاجة حملات منظمة للتوعية بمخاطر رسائل نصائح التغذية والخلطات العشبية المختلفة.
- إدارة المسؤولية الاجتماعية.
